اعتذرت مساعدة الرئيس المصري محمد مرسي، باكينام الشرقاوي، عن عدم ابلاغ السياسيين الذين شاركوا الاثنين في حوار مع الرئيس حول مياه النيل بانه مذاع على الهواء ما اتاح للجميع الاستماع الى دعوات اطلقها بعضهم الى القيام باعمال تخريبية في اثيوبيا ما اثار موجة من الاستنكار والغضب في البلاد.
وقالت الشرقاوي انه "بالنظر الى اهمية الموضوع، تقرر في اللحظة الاخيرة اذاعة جلسة الحوار" بين مرسي ومجموعة من السياسيين على الهواء مباشرة و"غاب عني ان ابلغ المشاركين بهذا التغيير". واضافت على تويتر "اعتذر لاي حرج تسببت فيه" للقادة السياسيين.من جانبه، اعتذر محمد البرادعي رئيس حزب الدستور المصري المعارض للشعبين الاثيوبي والسوداني عما تضمنه لقاء المسؤولين المصريين، كما طالب الرئيس مرسي بتقديم اعتذار مشابه، وقال البرادعي في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر "أعتذر لأثيوبيا والسودان شعبًا وحكومة عما صدر أمس في الحوار الوطني من إساءات، وأطالب رئيس الجمهورية بتقديم اعتذار مماثل باسم الشعب المصري".
وتناولت المناقشات مع الرئيس المصري المخاطر التي قد يتسبب بها سد النهضة الذي بدأت اثيوبيا في انشائه، على حصة مصر من مياه النيل. وتطرق الحوار خصوصا الى تقرير لجنة ثلاثية مصرية-سودانية-اثيوبية حول قرار اديس ابابا تحويل مجرى النيل الازرق تمهيدا لبناء هذا السد.
وتحدث السياسيون الذين جلسوا مع الرئيس المصري حول مائدة كبيرة بلا تحفظ واحيانا باسلوب بعيد تماما عن الدبلوماسية معتقدين ان الحوار مغلق ما تسبب في احراج للرئاسة ولقادة بعض الاحزاب المعارضة الذين شاركوا في جلسة الحوار هذه التي رفض عدد كبير اخر من رموز المعارضة المشاركة فيها.
فعلى سبيل المثال اقترح رئيس حزب غد الثورة الليبرالي ايمن نور تسريب شائعات عن قيام مصر بشراء طائرات متطورة من اجل "ارهاب اثيوبيا والضغط عليها".
من جانبه قال رئيس حزب النور، اكبر الاحزاب السلفية في مصر، يونس مخيون ان السد الاثيوبي يشكل "خطرا استراتيجيا على مصر".
وقد اثارت هذه التعليقات والاقتراحات غير اللائقة عاصفة من الانتقادات اللاذعة في وسائل الاعلام المحلية ومن التعليقات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتبت صحيفة التحرير المستقلة في عنوانها الرئيسي الثلاثاء "فضيحة امام العالم".
وعلقت ريم ماجد التي تقدم برنامجا تلفزيونيا شهيرا "صحيح اننا طالبنا الحكومة بالشفافية ولكن ليس الى هذا الحد، ليس الى حد الفضيحة".
كما قالت الاعلامية جيهان منصور في برنامجها صباحك يا مصر الثلاثاء معلقة على ما حدث في جلسة الحوار الوطني أن "مصر فضحت عالميا" مستنكرة "مستوى الحوار والحلول المقترحة كالحديث عن تسريب شائعات أو دعم المتمردين".
وطالبت منصور باستقالة باكينام الشرقاوي ووزير الاعلام صلاح عبد المقصود معتبرة ان اذاعة الحوار "اضرت بسمعة مصر وعقدت ازمة نهر النيل".
من جانبه اعتبر محمد يكن، أمين عام حزب الأحرار الدستوريين، "إننا قدمنا أفكارنا على طبق من ذهب للمخابرات الإثيوبية، وأحرقنا كل الكروت التي كان من الممكن أن نلعب بها"، مضيفا كما نقلت عنه صحيفة الوطن المستقلة "لن يصدقوا بعد اليوم أننا من الممكن أن ندخل في معركة عسكرية من أجل سد النهضة، هذا هو عقابنا لأننا اخترنا نظاما عشوائيا لا يعرف كيف يدير شؤون البلاد".
ومن التعليقات الساخرة على موقع فيسبوك "مرسي اول رئيس يعقد اجتماعا سريا يذاع على الهواء مباشرة" او "اتجاه داخل الحكومة الاثيوبية لتأجيل عرض التسجيل الذي حصلت عليه لجلسة الحوار الرئاسي على الأمم المتحدة وتمديد عرضه داخل أثيوبيا لمدة أسبوعين اخرين بعد تصدره قائمة الايرادات في أول أيام عرضه".
وفي اديس بابا، قال وزير المياه والطاقة الاثيوبي ألمايهو تجنو انه لم يسمع عن واقعة الاجتماع تلك لكنه شدد ان العلاقات بين مصر واثيوبيا ستظل "جيدة".
وقال تجنو ردا على سؤال لفرانس برس "اعتقد ان علاقتنا ستستمر بشكل جيد للغاية"، وتابع "لا نعتقد انه سيكون هناك تدخل عسكري ردا على الجهود الاثيوبية السلمية للتغلب على الفقر".
وبدأت اثيوبيا في تحويل مجرى النيل الازرق لبناء سد تبلغ كلفته 4،2 مليار دولار بغرض توليد الكهرباء.
ويفترض ان تنتهي اولى مراحل بناء "سد النهضة الكبرى" بعد ثلاث سنوات مع قدرة على توليد 700 ميغاوات من الكهرباء. وعند استكمال انشائه سيولد السد 6 الاف ميغاوات.
وتؤكد مصر ان لها "حقوقا تاريخية" في مياه النيل تكفلها معاهدتا 1929 و1959 اللتان تمنحانها حق الفيتو على اي مشروعات قد تؤثر على حصتها.
الا ان دول حوض النيل تقول ان هاتين الاتفاقيتين موروثتان من الحقبة الاستعمارية ووقعت في العام 2010 اتفاقية جديدة تتيح لها اقامة مشاريع على النهر من دون الموافقة المسبقة لمصر.
وشدد وزير المياه والطاقة الاثيوبي على أن مستويات المياه لن تتأثر من جراء بناء السد متساءلا "لماذا يمثل تحويل مجرى النهر صداعا للبعض، وأي شخص عادي يمكن أن يفهم ما يعني تحويل مجرى النهر"، وتابع الوزير الاثيوبي "اجندة اثيوبيا هي التنمية، اثيوبيا دولة تكافح ضد الفقر. اثيوبيا دولة تنمو بمواردها لافادة شعبها وتريد العيش مع جيرانها بسلام مع التشارك في مواردها".